دعوة ابن باديس و دعوات ابليس

 قارن بين هذه الدعوة الإصلاحية المباركة التي ساهمت في تحرير الشعب الجزائري المسلم الذي استطاع بقوة إيمانه و بسالة رجاله أن يهزم الجيش الفرنسي العرمرم المدجج بالأسلحة الفتاكة و الذي كانت تقوده ضباط كبار من جنرالات و أميرالات و ماريشالات شاركت كلها في الحروب الكونية الأولى و الثانية...و بين هذه الدعوات الإسلامية المعاصرة المتناحرة فيما بينها و التي يخذل بعضها بعضا و يكفر بعضها بعضا...كل يدعي وصلا بليلى و ليلى لا تقر بذلك...كلهم يقول قولي صواب لا يحتمل الخطأ و قول غيري خطأ لا يحتمل الصواب...منهم من اختزل الإسلام العظيم في سروال قصير و ذقن طويل و نسوا أن الله لا ينظر إلى الجسوم و الأشكال و منهم من اختزل الإسلام في الصلاة و نسوا أن الصلاة تنهى عن الفحشاء و المنكر و بعضهم في السياسة و بعضهم في الأحوال الشخصية و منهم من حصره في زاوية من زوايا المساجد أو زاوية من الزوايا الصوفية و منهم من اختزله في ضرب الرقاب و سفك الدماء و نسف حياة الأبرياء...فشوهوا بذلك الإسلام و زعزعوا أركان الإيمان و شتتوا الأمة و شقوا صفها و نشروا فيها الشقاق و الأحقاد و الفتن و أحدثوا فيا ثلما عميقا و شرخا رهيبا فتسلل من خلاله أعداء الإسلام من اليهود و النصارى و دعاة القومية و أصحاب الدعوات الهدامة و الطوائف الضالة و المذاهب المادية الشرقية و الغربية....فضاع الدين وذهبت الأخلاق و تاهت الشعوب المسكينة الهائمة على وجهها المتذبذبة بين هؤلاء و هؤلاء لا تدري أين دعاة الأرض و أين دعاة السماء و تفككت أواصر الأخوة و انتشر الفساد العريض و الظلم الفظيعٌ بين الأفراد و الجماعات...و كنتيجة حتمية لكل هذه الأسباب سلط الله علي خير أمة عدوا لا يفرق بين سني و شيعي و صوفي يقتل برها و فاجرها, كبيرها و صغيرها بدون تمييز و بلا رحمة, و ولى عليها اللئام و السفهاء و المنافقين و الخونة... و لا حول و لا قوة إلا بالله...و الله عز و جل يقول
{وَلاَ تَكُونُواْ كَٱلَّذِينَ تَفَرَّقُواْ وَٱخْتَلَفُواْ مِن بَعْدِ مَا جَآءَهُمُ ٱلْبَيِّنَاتُ وَأُوْلَـٰئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ }
و النبي عليه الصلاة و السلام يقول 
 لاَ تَحَاسَدُوا، وَلاَ تَنَاجَشُوا، وَلاَ تَبَاغَضُوا، وَلاَ تَدَابَرُوا، وَلاَ يَبِـعْ بَعْضُكُمْ عَلَىٰ بَيْعِ بَعْضٍ. وَكُونُوا، عِبَادَ اللّهِ إِخْوَاناً. الْمُسْلِمُ أَخُو الْمُسْلِمِ. لاَ يَظْلِمُهُ، وَلاَ يَخْذُلُهُ، وَلاَ يَحْقِرُهُ. التَّقْوَىٰ هٰهُنَا». وَيُشِيرُ إِلَىٰ صَدْرِهِ ثَلاَثَ مَرَّاتٍ: «بِحَسْبِ امْرِىءٍ مِنَ الشَّرِّ أَنْ يَحْقِرَ أَخَاهُ الْمُسْلِم. كُلُّ الْمُسْلِمِ عَلَىٰ الْمُسْلِمِ حَرَامٌ. دَمُهُ وَمَالُهُ وَعِرْضُه ». مسلم عن أبي هريرة.
 هذا بيان للناس و موعظة للمؤمنين...فهل من رجل رشيد عاقل و لبيب يقوم على هذا الدمار الشامل و على هذا الركام الهائل من الجماجم المقطوعة و الجثث الممزقة و يصيح في الأمة المحتضرة كفانا دماء كفانا بكاء و نحيبا فقد ضحكت علينا كل الأمم و بالت علينا كل الثعالب...
اللهم ربنا ردنا إلى دينك ردا جميلا و اصلح حالنا و اصلح بالنا و اهد ولاة أمورنا...اللهم آمين.
دعوة إلى الخير من فقير يحب الخير للجميع بدون استثناء.
ابراهيم بوشاقور
عين كرشة 21 جانفي 20177.

ابن باديس رحمه الله