الشخصية الفذة و الرجل الضخم, الفقيه المالكي امام الأئمة بعين كرشة...
لم أر في حياتي رجلا صالحا مثله في زيه و سمته, كان طويل القامة, جميل الوجه, نظيف الثياب, عليه وقار العلماء و هيبة الأولياء... من مواليد 1908, ولد بدوار أولاد مساعد, هنشيرتومغني, من أسرة شريفة و عريقة, تحب العلم و توقر العلماء... تدرج في طلب العلم في وقت لم يكن فيه طلب العلم سهلا أيام الاستعمار, أيام الحديد و النار... كان الطالب يضرب أكباد الابل للوصول الى مصادره ...التحق مبكرا بمدارس جمعية العلماء المسلمين الجزائريين بمدينة قسنطينة مدينة العلم و الثقافة و كان له الشرف ان يتتلمذ على يد العلامة عبد الحميد ابن باديس رحمه الله... فجمع ما استطاع من العلوم و المعارف من اللغة العربية و الأدب و التفسير و الحديث و الفقه...و بعد ما أنهى دراسته عاد الى مسقط رأسه حيث فتح مدرسة قرآنية و هي عبارة عن مسجد متواضع للصلاة و التدريس و الاصلاح و تحفيظ القرآن الكريم و الحديث الشريف للصغار و الكبار مع قيامه بدور الافتاء و الامامة بهنشيرتومغني, و كانت له في حياته الحافلة بالعطاء أعمال و مواقف رائعة ابان الثورة التحريرية و بعد الاستقلال يذكر بها في المجامع وهي في صفحاته الخالدة عند ربه في كتاب لا يغادر صغيرة و لا كبيرة الا احصاها...ثم استقر الشيخ بمسجد أبي بكر الصديق رضي الله عنه بمدينة عين كرشة الى ان وافته المنية يوم الأحد 21/10/1984 على الساعة الثالثة و 15 دقيقة...قام بتغسيله و تكفينه أخوه حمانة رحمه الله و تم دفنه بمقبرة عين كرشة العتيقة بعد صلاة العصر و قد صلى عليه الشيخ الطيب او خالد صديقه الحميم بدون بروتوكول حسب وصيته... فقد أوصى الشيخ قبل موته بذلك كما أوصي ان لا يبنى قبره و ان لا يعلم امتثالا لحديث النبي صلى الله عليه و سلم الذي أخرجه مسلم عن جابر رضي الله عنه: ( نهى رسول الله صلى الله عليه و سلم أن يجصص القبر و أن يقعد عليه و أن يبنى عليه.) هكذا عاش و مات من عاش لدينه و وطنه بدون رياء و سمعة أو حض من حضوض النفس...عليك رحمة الله يا ولي نعمتي بعد الله ثم أبي...اللهم اغفر له و ارحمه برحمتك الواسعة و الحقه بعبادك الصالحين و ارفع منزلته في دار النعيم بجوار خير النبيين سيدنا محمد عليه أفضل الصلاة و أزكى التسليم...اللهم لا تحرمنا أجره و لا تفتنا بعده يا رب العالمين...آمين